طباعة

                                               ما بعد الكورونا

 

Ghassanسؤال قد يتردّد على لسان الجميع.

لكنّ السّؤال البديهي الأوّل هو هل وكيف ومتى ينتهي هذا الكابوس القاتل؟ وكم سيحصد من أرواح؟ وكيف لنا أن نفكّر في مستقبلنا وحاضرنا يترنّح في أقوى زلزال يصيب البشريّة منذ الحرب العالميّة الثّانية؟

لكنّ الطّبيعة والطّبيعة البشريّة هي الحياة والتّجدّد...


وقد بدأ العلماء يبشّروننا عن مستقبل قاتم اقتصاديّاً ومعيشيّاً و...صحّيّاً. وهنالك طبعاً الكثير من المتفائلين الذين ينثرون الورود على دربنا مؤكّدين لنا أنّ فيروس كورونا سينتهي بعد بضعة أشهر وإنّ اللّقاح أصبح شبه جاهز... هذا عدى جيوش المتطفّلين والمنجّمين ومن المتسلّحين بشهاداتهم الجامعيّة وكأنّهم يقرأون لنا من التّوراة...

الحقيقة تقال أنّ ما بعد الكورونا لن يكون كما قبلها... أمّا كيف؟

الجواب الصّحيح بكلّ بساطة هو عند اللّه...

ألا تقول لنا الآية الكريمة: ويخلق اللّه ما لا تعلمون...؟

لكنّ هنالك حقائق لا يمكن تجاهلها. هنالك أرقام لا تخطئ. هنالك نتائج لا يمكن دحضها...

العالم متّجه إلى المجهول.

صحيح أنّه لم يتغيّر شيئاً... أقلّه ظاهريّاً... فالدّول لا زالت هي هي... أمريكا لا زالت توجّه- حتّى لا نقول تدير- دول العالم.

 وأوروبا المتّحدة... وبريطانيا العظمى... وروسيا... والصّين التي بدأ يكبر حجمها هل ستبقى هي هي بعد عصر الكورونا؟

 والنّظام الرّأسمالي المثقل بالدّيون هل سينجو من هذه الحرب الكونيّة الفريدة من نوعها؟

وهل يعلم العالم أنّ ديونه قد وصلت إلى أكثر من 260 تريليون دولار أي 260 لألف ميليار أي 260 ألف ألف مليون دولاؤ وقد يصل هذا الرّقم إلى 275 تريليون دولار آخر السّنة؟

يعني أنّ كلّ طفل يولد اليوم يحمل في يده اليسرى سند دين بقيمة 35 ألف دولار وفي يده اليمنى يحمل القلم والمعول.

فمن هو الدّائن ومن هو المديون؟

- وهل يخفى القمر؟

إنّ الدّول الرّأسماليّة ذات العملة الصّعبة- كما يسمّونها- هي قاعدة هذا الرّأسمال المتوحّش... هي اليوم تنوء تحت عبئ انفاقها المتزايد وخاصّة لتغطية أكلاف جائحة الكورونا اليوم.

ماذا سيحصل يا ترى في عصر ما بعد الكورونا؟

هل سيموت نظامنا الرّأسمالي؟ هل ستختفي هذه المطبوعات المزخرفة المسمّاة مالاً؟ هل سنرى بديلاً عنها رقيقات من الذّهب والفضّة؟

لا أعتقد ذلك.

قد يمرّ العالم ببضعة أشهر أو سنوات في تقلّبات ومتغيّرات عديدة إقتصاديّة ماليّة وسياسيّة ولكن يالنّتيجة قد يعيد هذا النّظام برمجة نفسه ويزداد الفقير فقراً والثّري ثراءاً والقوي قوّةً.

العالم لم يتغيّر منذ آلاف السّنين. الآلهة ثمّ الملوك كانوا يعطون البذور للفلّاحين ثمّ يرسلون جنودهم لحصاد الغلّة واليوم تعمل الشّعوب الفقيرة لإطعام الأغنياء مقابل فائدة الدّيون التي تتوارثها الأجيال...

ترى متى ستتغيّر هذه القاعدة؟

وماذا سيصيبنا بعد ذلك نحن مربّو الدّواجن؟

والجواب هو بسؤال آخر.

ألسنا نحن أيضاً من الشّعوب العاملة؟

نحن نعمل لأصحاب الأموال المديّنة تسديداً للفوائد...

ألا يقول المثل العامّي: من تزوّج بالدَّين ولدت أطفاله بالفائدة؟

فحكوماتنا مديونة وسيزيد دينها ثقلاً... ونحن علينا أن نعمل وبجهدٍ أكثر... وأن نجدّ ونشقى فقط... لتأمين فائدة هذه الدّيون...

اللّه يستر!