طباعة

مفاتيح النجاح في مكافحة الآي بي
د. تركي سراقبي

ذكرت في كتابي "إلتهاب القصبات المعدي للدجاج آي بي" إنّ هذا المرض هلامي قديم متجدّد أي يصعب إمساكه، ويجب تجديد وسائل مكافحته وفقاً لتجدّده وتكرار التّأكيد على مفاتيح مكافحته أو تغييرها.

ومن المعروف أنّ فيروسه مرتفع السّراية والعدوى، ويتطوّر بإستمرار، وسّيء السّمعة في مكافحته، وإنّ التّلقيح ضدّه هام جدّاً (حرج) في جعل القطعان محميّة، برغم أنّ التّلقيح الصّحيح الملائم هو المفتاح لتلك الحماية.

وأكّد البروفيسور (ماركجاكوود) الخبير الأمريكي في الآي بي في محاضرته في مؤتمر جمعية الدّواجن البيطريّة العالميّة في بانكوك، تايلاند، عام (2019) أنّ أهمّ مفاتيح مكافحته هي الثّلاثة التّالية:

 

وأشار أنّه لا يوجد تصحيح تلقائي للأخطاء، ويجب معرفة أنّ صعوبة المكافحة يجب أن يتمّ فهمها إبتداءاً من كيفيّة تكاثر الفيروس.

ولأنّ فيروس الآي بي وحيد سلسلة الرنا (a single-stranded RNA virus) فقدراته التجريبية محدودة، ويسبّب طفرات مع الوقت تؤدّي إلى إنحرافات وراثيّة (جينية)، ونشوء عترات حقليّة جديدة أشدُّ ضراوة. وقال (مارك): "عندما تفعل خطأً فليس من الجيّد أن تعود وتُصلحه". إنّ تلك التغييرات قد تُعطي الجيل التالي (من الفيروس) صفة ملائمة، تسمح له بأن يتكاثرأسرع ويُسبّب مرضاً حتى في وجه التّلقيح (في القطعان الملقّحة).

وتبعاً لمارك، يلعب التّلقيح دوراً مهمّاً في حفظ الطيور محميّة (منيعة)، لكنّ الإختلاف والتّنوّع الجيني الواسع للفيروس يعني أنّه ليست كل اللّقاحات تملك حماية تصالبية (cross-protective)، وأردف " إنّ هناك مئات ومئات الفيروسات الدّوّارة في الحقل ولكنّ الّلقاحات المتوفّرة التي نستطيع إستخدامها ضدّهم فقط على عدد أصابع اليد". وأكّد "إذا كنّا لا نملك لقاحاً مطابقاً ومتّسقاً مع (العترة المنتشرة عندنا)، فيجب علينا أن نبدأ بالبحث في أنواع لقاحات أخرى فيها بعض الحماية التّصالبية ضدّ الفيروس الحقلي الدّوار".

وأشار إلى أنّ الطريق الأفضل لتحقيق حماية تصالبية هي إستخدام أكثر من نوع واحد من الّلقاح. مضيفاً "هذه الطريقة يمكن أن تعطي إستجابة مناعية أوسع تستطيع (آملين) أن تحمي على الأقلّ إلى حدّ ما (جزئياً) ضدّ الفيروسات الدّوارة في الحقل عندما لا نملك لقاحاً متّسقاً".

وعلى كلٍّ، فالتّحدي الفعلي هو إختيارالتّركيبة (التوليفة) الصّحيحة من اللّقاحات.

ويوجد عدد من الوسائل المتاحة لفحص كفائة الحماية التّصالبية، تشمل دراسات التّعادل الفيروسي (VNT) والإختبارات الجينية التي تساعد في تحديد علاقة العترات المختلفة ببعضها. لكنّ هذه الإختبارات يمكن أن تكون مرتفعة التّكاليف وليست دقيقة (صحيحة) دائماً.

والطّريقة الوحيدة الموثوقة في التّحديد هي، ما إذا راقبنا أنّ عترة أوعترات اللّقاح الممعطى سوف تحقّق حماية تصالبية (في الطّيور). والطّريقة الصّادقة الوحيدة في التّحديد هي، إذا كنّا قادرين على تحقيق الحماية عند تلقيح الطّير، ثمّ عمل التّحدي في الطير (الملقح) ورؤية ما إذا تمّت حمايته أم لا، مضيفاً "إنّ التقدم في التشخيص الجزيئي مثل (بي سي آر) الإختباري الآن يسمح للعلماء بالتحليل الدقيق لكفائة أي عترة لقاحية مستخدمة."

والتّلقيح الصّحيح ضروري بعد إختيار اللّقاح (اللّقاحات) المتّسق. فبينما المراقبة والتشخيص هما مفتاحَي إختيار اللّقاح الصّحيح أو اللّقاح المركّب (أكثر من فيروس أو لقاح)، يكون تلقيحه بشكل صحيح ضروريّاً.

وتبعاً لمارك جاكوود فإنّ التّلقيح بالرّش في المفقس (معمل التفريخ) هو أكثر الطرق كفائة وأسهلها ضبطاً ومراقبة، ولكنه هو السهل الممتنع؟ فبرغم بساطته الشديدة، يمكن إرتكاب كثير من الأخطاء فيه.

إنّ فيروس الآي بي فيروس مغلّف، ضعيف جدّاً (قابل للكسر)، ويتأثّر بسهولة بدرجة الحرارة والقوى القاصّة الأخرى، ويُمكن خسارة معدّله بسرعة، ممّا يستوجب أن يُحفظ اللّقاح بارداً، ويخلط مع محلول بارد ويُستخدم بسرعة قبل أن يسخّن على درجة حرارة الغرفة.

كما أنّ الجرعة المناسبة مهمّة أيضاً. وللأسف، عندما يكون ضغط المرض منخفضاً في الصيف، يُنقص بعض المربين الجرعة أو يُعطون نصف جرعة لإنقاص ردّة فعل اللّقاح أو خفض التّكلفة.

وعلى كلٍّ، إذا كانت الجرعة منخفضة كثيراً، أو إن كان اللّقاح لا يواجه أو يغطّي العترات الدّوارة في الحقل، فإنّه قد لا يُنتج المناعة المناسبة. وهذا يسمح للفيروس الحقلي أن يتكاثر في مستوى منخفض (أقلّ من أن يكشفه الرادار) ممّا يؤدّي إلى نشوء عترات جديدة أشدّ ضراوة.

ونقطة أخرى مهمّة جدّاً يجب عدم إهمالها أو تجاهلها وهي، حجم اللّقاح المستخدم (بعد خلطه) ويجب أن تكون كمية مخلوط اللّقاح (1.4 – 2.1 مل / كتكوت) أي (140 – 210 مل / 1000 كتوت) في المفقس (كابينة الرش). أمّا في المزرعة، فتزاد الكمّية إلى (300 – 400 مل / 1000 كتكوت) لإيصال كمّية أكبر من اللّقاح في مستوى الكتاكيت.

وحجم قطيرة اللّقاح مهمّ أيضاً، فكلّما كانت القطيرات دقيقة (أصغر)، كلّما كان طفّوها في الهواء أسهل (طبعاً، في المزرعة أكثر من المفقس). وبزيادة حجم القطيرة، سيقع لقاح أكثر إلى الأسفل ويصل إلى مستوى الكتاكيت، وسنحصل على نسبة أعلى من الكتاكيت الملقّحة.

والوضع النموذجي هو أن يكون (95 – 100 %) من كتاكيتنا في (7 أيام) بعد التّلقيح، ملقّح بمعدّل مرتفع جيّد من ذلك اللّقاح.

وأشير هنا إلى أنّه يجب تحقيق ما يُصطلح عليه (مناعة القطيع) أي يجب أن نحصّن جميع أفراد القطيع (حوالي 100 %)، لأنّ وجود نسبة قلية من الأفراد غير محصّنة (5 % مثلاً) في القطيع يُمكن أن يهاجمها الفيروس الحقلي، يتكاثر فيها، يُطرح منها وينتشر في البيئة (أقوى وأشدّ ضراوة، وربّما يتشكل فيروس جديد جينيّاً) ممّا يؤبّد المشكلة ويعقدها.

التلقيح بالرش في معمل التفريخ (المفقس)

 

المراجع

the XXIst WVPAC, 2019 Proceeding