طباعة

Saadمشروع تدوير النفايات العضوية Recycling of Bioweast  باستخدام يرقات ذبابBSF واستخدام يرقات الذباب بتغذية الدواجن

الأستاذ الدكتور سعد عبد الحسين ناجي التميمي

ما هي النفايات العضوية؟
النفايات العضوية تشمل كل مخلفات الأطعمة المستخدَمة للأكل البشري مثل بقايا المطاعم والدور السكنية من مخلفات الفواكه والخضار والخبز والتمن ومخلفات المزارع الحيوانية مثل فضلات الدواجن والأغنام والماعز والأبقار والجاموس وكذلك الورق والمحارم. وبعبارةٍ بسيطة يمكن القول بأن النفايات العضوية هي كل نفايات المدينة ما عدا النفايات الحديدية والزجاجية والبلاستيكية والتي لا يمكن استغلالها للتغذية الحيوانية، فهي إذاً تشمل كل النفايات البشرية والزراعية والحيوانية.


أهداف المشروع:
حلّ نصف مشكلة تكدّس النفايات في المدن وتحويلها من مخلّفات عضوية ملوِّثة للبيئة إلى مواد غذائية عالية القيمة الغذائية (Nutritive Value).
القضاء التامّ على مشكلة التلوث البيئي (Environment Pollution) لأن هذه المخلفات العضوية هي المرشحة للتفسّخ الميكروبي ونشر الأحياء المجهرية الممرّضة (Pathogenic microbes) للإنسان ولحيوانات المزرعة.
تحويل النفايات العضوية من نفاياتٍ معدومة القيمة الاقتصادية إلى مواد غذائية عالية القيمة الغذائية والاقتصادية حيث يتراوح سعر الطن منها بين 500 – 750 دولار أمريكي أو ما يعادل 480 – 710 يورو.
إيجاد موردٍ اقتصاديٍ جديدٍ يساهم في بقية المشاريع الخدمية للمدن الحديثة، فقد قدّرت المنظمات الدولية أنّ الفرد الواحد يخلّف ا عضوية بمقدار 35 كيلوغراماً في السنة. فإذا افترضنا أنّ عدد سكان المدينة الصغيرة مع الضيوف والزائرين يبلغ 2 مليون نسمة، فهذا يعني أن كمية المخلّفات السنوية للمحافظة تبلغ 70 مليون كيلوغرام أي ما يعادل 70 ألف طن من المخلفات سنوياً. هذا المشروع الجديد سيحوّل هذا الكمّ الهائل من المخلّفات إلى مركزات بروتينية حيوانية غالية الثمن وإلى أسمدةٍ نباتيةٍ عالية القيمة التسميدية وخاليةٍ من التلوث والروائح الضارة.
إيجاد فرص عمل لآلاف العاطلين عن العمل لأن تنفيذ هذا المشروع سيحتاج إلى شبكة كبيرة من العمّال الذين سيقومون بجمع هذه النفايات من المطاعم والأحياء السكنية إلى موقع معمل التدوير والذي يشترط أن يبعد عن مركز المدينة لما لا يقلّ عن 20- 30 كيلومتراً.

فكرة تدوير المخلفات العضوية:
إن الأساس في تدوير المخلفات يعتمد على فكرة جمع المخلفات العضوية ثم خلطها وجرشها لتتحوّل إلى خليط عضوي يتمّ توزيعه على حاويات وتوضع عليها يرقات حشرية (Insect Larva) وتُترك هذه اليرقات لتلتهم هذا الخليط العضوي وتنمو وتتكاثر لمدة أسبوع، فيتحوّل 75% من هذا الخليط العضوي إلى يرقات و25% منه يتحوّل إلى مخلفات اليرقات.
سيتم في النهاية عزل اليرقات لأجل تحويلها إلى مركزات بروتينية عالية القيمة الغذائية حيث تتراوح نسبة البروتين فيها بين 42- 47% وهو بروتين حيواني غنيّ بالأحماض الأمينية الأساسية (Essential Amino Acid) وغنيّ بالفيتامينات والمعادن. أما مخلفات اليرقات، فسيتمّ تجفيفها وتحويلها إلى أسمدة نباتية تشبه البتموس.
وتوجد بالوقت الحاضر مراكز لتدوير النفايات العضوية في كل من أندونيسيا والصين وماليزيا والفلبين وإنكلترا والولايات المتحدة الامريكية ومعظم الدول الأوروبية ... أجازت منظمة الصحة العالمية (WHO) (World Health Organization) استخدام اليرقات الحشرية في تغذية حيوانات المزرعة كالدواجن والأغنام والأبقار والأسماك والجاموس. وتتبنّى منظمة الصحة العالمية اليوم فكرة نشر هذه المراكز لتدوير المخلفات العضوية على كل المدن والقرى في العالم بهدف تقليل مشكلة التلوث البيئي الذي أمسى يهدّد الحياة البشرية على سطح الأرض.

نوع اليرقات الحشرية المفضّلة للتدوير:
اليرقات الحشرية (Insect Larva) المفضّلة لتدوير المخلفات العضوية في العالم هي يرقات حشرة ذباب الجندي الأسود والتي يُشار إليها بالرمز BSF) Black Solder Fly) وذلك للأسباب الآتية:
إنّ هذا النوع من الذباب غير ممرّض والحشرة الكاملة لا تأكل بل تحتاج إلى الماء فقط وتتغذّى على مخزون جسمها من الدهون. فهي أمينة ولا يوجد أي تخوّف صحي من انتشارها لا سمح الله علماً بأن تربيتها تتم بظروف محكمة لا تقبل أي انتشار للحشرة.
إن يرقات هذه الحشرة تلتهم الغذاء فهي تأكل يومياً بقدر ضعف وزنها من الغذاء (حوالي 500 ملغرام في اليوم)، ولذلك تُعتبر هذه الحشرة كاسحةً للأغذية مهما كانت درجة تفسّخها ومهما كان نوعها وستحوّلها بالنهاية إلى يرقات كبيرة وتنتج كتلة حيوية (Biomass) كبيرة يتم ثرمها وتجفيفها لتتحوّل إلى مركّزات بروتينية عالية القيمة الغذائية.
هذه الحشرة سريعة التكاثر، فالذبابة الواحدة تنتج 500-1000 بيضة بينما تنتج بقية الحشرات مثل حشرة القبابي (كالخنفساء الصغيرة) حوالي 50 بيضة فقط، ومع ذلك تستخدم في مصر لإنتاج يرقات تُجفَّف وتُقدَّم للطيور المنزلية وهي الآن معروضةٌ في الأسواق التجارية في كل دول العالم. وإن المتخصصين في تربية الطيور المنزلية كالبلابل والفنكس والكناري وطيور الحب يشترطون ضرورة تقديم مصدرٍ حيوانيٍ للبروتين لهذه الطيور لأجل الحفاظ على صحّتها وسلامتها والنجاح بتغذيتها وتكاثرها ولذلك وصل سعر الكيلوغرام الواحد من اليرقات المجفَّفة إلى 40 دولاراً.
توجد في الوقت الحاضر مراكز متخصّصة في تكثير ونشر بيوض هذه الحشرة في مختلف دول العالم لتشجيع المزارعين الصغار وكذلك أصحاب الدور الكبيرة الذين يربّون الطيور والدجاج على إمكانية تدوير نفاياتهم العضوية ذاتياً من دون الحاجة إلى نقلها وجمعها في مراكز كبيرة، وبذلك يتحوّل صاحب المزرعة الصغيرة إلى منتجٍ لليرقات تكفيه لتغذية طيوره المنزلية أو المزرعية. وما على هؤلاء إلاّ جمع نفاياتهم المنزلية في صندوق كبير وينشرون فوقها يرقات ذباب BSF لتتحوّل إلى كتلةٍ حيويةٍ كبيرة تُقدَّم للدجاج والطيور والأسماك مباشرةً من دون الحاجة إلى التجفيف والطحن. والمزارعون الصغار وأصحاب أحواض الأسماك قد يتحوّلون إلى منتجين للبروتين الحيواني من خلال تدوير مخلفاتهم المنزلية والمزرعية ليستخدموها في تنمية هذه اليرقات وتقديمها مباشرةً للطيور والأسماك؛ وبذلك يوفّرون لطيورهم وحيواناتهم أهمّ مصدر بروتين في العلائق الحيوانية وهو البروتين الحيواني والذي يُعتبر من أغلى المواد العلفية الداخلة في تركيب العلائق الحيوانية، علماً أنّ كلفة الأعلاف تمثل 70% من الكلفة الكلية للمنتجات الحيوانية. وهذا التوجه سيقلّل من كلفة الأعلاف بنسبة 15 -20 %.
هذه الحشرة كبيرة فهي أكبر حجماً من الذبابة المنزلية وبذلك تكون يرقاتها كبيرة الحجم وتنتج كتلةً حيويةً كبيرةً أيضاً. الذباب المنزلي أيضاً يقوم بإنتاج البيض الذي يفقس عن يرقات مشابهة لحشرة ذبابBSF ولكن اليرقات أصغر قليلاً علماً أن دورة حياة الحشرات كافة هي كما يلي:
بيضة← يرقة ← خادرة (يرقة متشرنقة)← حشرة كاملة
وتختلف الحشرات عن بعضها بعدد البيوض المنتَجة من كل حشرة وبحجم اليرقات الناتجة عن فقس هذا البيض. والفكرة هنا هو استغلال دور اليرقات حيث تكون شرهة بتناول الغذاء وهي تأكل يومياً بقدر ضعف وزنها من الغذاء. ومع بداية دخولها لمرحلة الخادرة، سيتم انتهاء دورة حياتها إما بالتجفيف والطحن أو بتقديمها بصورةٍ حيةٍ لتناول الطيور والأسماك على النطاق الضيق والإنتاج المحدود. أما إذا أُريد الانطلاق بالمشروع على نطاق واسع، فلا بدّ من طحن اليرقات وتجفيفها لتحويلها إلى مركزات بروتينية عالية القيمة الغذائية.

دورة حياة ذبابة الجندي الأسود

هذه الذبابة تبلغ 45 يوماً حيث تحتاج إلى ثلاثة أيام لإتمام فقس البيوض و18 يوماً لليرقات و15 يوماً لدور الخادرات لتكتمل الذبابة وتبلغ جنسياً بعد ثلاثة أيام من خروجها من دور الخادرة، فتبدأ بالتزاوج وبإنتاج البيوض وبذلك تكتمل دورة حياتها.

خطوات العمل بمشروع تدوير النفايات:

سيتم توزيع أكياس نايلون خاصة لجمع النفايات العضوية على الدور السكنية مجاناً مع حملةٍ دعائيةٍ توعويةٍ لحثّ المواطنين الكرام على عزل نفاياتهم العضوية في هذه الأكياس لأجل عزلها عن النفايات البلاستيكية والزجاجية. وسيتم أيضاً توزيع حاويات كبيرة على أصحاب المطاعم والفنادق لتشجيعهم على عزل فضلات المطاعم العضوية في هذه الحاويات. ولأجل نقل هذه النفايات إلى موقع المشروع، سيتم استغلال الحاويات الحكومية أو التعاقد مع متعهّدين يقومون بتجميع هذه النفايات من الأحياء السكنية والمطاعم والفنادق ونقلها إلى موقع المشروع مقابل أجورٍ مُتَّفق عليها.

سيتم أولاً استيراد بيوض يرقات الذباب (BFS) من أحد المراكز العالمية الموجودة في إندونيسيا ومصر وماليزيا والفلبين وإنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية. سيتمّ تنمية هذه البيوض إلى يرقاتٍ وحشراتٍ كاملة لتُربّى داخل المشروع في البيت البلاستيكي لتحصل منها على بيوض بأعدادٍ هائلة علماً أن الغرام الواحد من البيوض يحتوي على 50 ألف بيضة. هذه البيوض تفقس خلال ثلاثة أيام لتخرج منها يرقاتٌ صغيرة تربى لمدة 4 أيام لتصبح بحجمٍ مناسبٍ للتوزيع على صناديق الفضلات المهروسة وتُترك لتتغذّى عليها لمدة ثلاثة أسابيع.

تقوم هذه اليرقات بتحويل الفضلات إلى نوعين من المنتجات وهما:

القيمة الغذائية للمركّز البروتيني الناتج من اليرقات:

تتباين القيمة الغذائية للمركّز البروتيني الناتج من اليرقات تبعاً لتباين نوعية النفايات التي نمت عليها اليرقات. معظم الدراسات الحديثة تشير إلى أن نسبة البروتين في المركّز البروتيني لليرقات النامية على المخلفات العضوية للأغذية البشرية تتراوح بين 42-47% وهذه نسبةٌ عاليةٌ جداً عند مقارنتها مع نسب البروتين في أهم المصادر العلفية الداخلة في تكوين العلائق الحيوانية وأهمها كسبة فول الصويا التي تحتوي على 44% بروتين وتُعتبر أهمَّ مصدٍر للبروتين النباتي في علائق الدواجن وحيوانات المزرعة. ونسبة البروتين في مركّز البروتيني الحيواني Animal Protein Concentrate تبلغ 50% علماً أن هناك حظرًا دولياً لتداول المركّزات البروتينية الحيوانية منذ مطلع الألفية الثانية عندما انتشر مرض جنون البقر ومرض إنفلونزا الطيور على نطاقٍ عالمي. لذلك تُستخدم بالوقت الحاضر مركّزات بروتينية عبارة عن مخاليط من الحوامض الأمينية والفيتامينات والمعادن وتُمزج بنسبٍ معينةٍ وتُضاف للأعلاف بنسبة 25-50 كيلوغرامًا للطن.

نسبة البروتين في المركّز البروتيني الناتج عن تنمية اليرقات على المخلفات أو الفضلات الحيوانية تتباين تبعاً لتباين نوع الحيوان. فقد تمت تربية يرقات BSF على فضلات الحيوانات التالية:

 

الجدوى الاقتصادية لمشروع تدوير النفايات:

يكفي القول إن هذا المشروع سيحوّل النفايات البشرية والفضلات الحيوانية العديمة القيمة والملوثة للبيئة إلى مركزات بروتينية ذات قيمةٍ اقتصاديةٍ عالية من جهة وتمنع من تسرّب العملة الصعبة إلى خارج الدول العربية والدول النامية لأن كل المركزات البروتينية مستوردة وبأسعار عالية من جهة أخرى. فحسب أسعار السوق، إن سعر الطن الواحد من المركزات البروتينية الحيوانية يتراوح بين 1200-1300 دولار للطن وان سعر الطن الواحد من كسبة فول الصويا يتراوح بين 500-700 دولار (حسب أسعار شهر شباط/فبراير لعام 2019).

ومن المهم جداً أن نعرف أنه لا يمكن عمل عليقة للدجاج مثلاً من دون أن تدخل كسبة فول الصويا بنسبة 20-30% أي بمعدل 200-300 كيلو للطنّ الواحد من العلف وذلك حسب نسبة البروتين المطلوبة ف العلف المُقدَّم للدجاج البيّاض أو لفروج اللحم. المركزات البروتينية الحيوانية المستوردة سابقاً كانت تُضاف للأعلاف بنسبة 5-10% أي بمعدل 50-100 كيلو للطن، أما بالوقت الحاضر فتضاف البريمكسات (Premixes) بمعدل 25-50 كيلو للطن. وهذه البريمكسات المستوردة هي عبارة عن خليط من فيتامينات وأحماض أمينية ومعادن وفوسفات الكالسيوم ومطحون كسبة فول الصويا.

نتائج التغذية على مسحوق يرقات: BSF

لقد أدخل مسحوق يرقات ذبابة  BSFفي علأئق الدجاج اللاحم وعلائق الدجاج البياض بنسبة 5 و7.5 و10 % بدلاً من كسبة فول الصويا وكانت النتائج باهرة وأشارت بشكل واضح إلى أن هذه اليرقات ستكون البديل المستقبلي لكسبة فول الصويا والمركزات البروتينية في المستقبل وكما هو ملاحظٌ في الجدولين رقم 1 و2.

 

الجدول رقم (1): إدخال مسحوق يرقات ذبابة FUgZR BSF  في علائق الدجاج اللاحم بنسبة 5 و7.5 و 10 % بدلاً من كسبة فول الصويا.