فراخنا إن حكت
بعد الإنفجار الكارثي الذّي دمّر العاصمة بيروت والذي صنّفه الإعلام العالمي برابع أقوى إنفجار بتاريخ البشريّة بعد القنبلة الذّرّية طلبت من الدّكتور منّوش قليل أن يتفقّد حال فراخنا بعد هذه الفاجعة.
وحيث أنّ مزارع الدّواجن هي بعيدة عن مكان الإنفجار، توجّه الدّكتور منّوش قليل- وهو العالم بلغة الحيوان- إلى إحدى المجازر الآليّة القريبة من العاصمة حيث تمكّن من مخاطبة الفراخ والتي كانت تجمع لذبحها في اليوم التّالي وكانت لا تزال في هلع شديد وتدور حول نفسها وترتجف وتصبح وكأنّها في هستيريا جماعيّة.
:فبادرها بقول
"ما بالك أيّها الفراخ المسكينة... ماذا شعرتي وقت هذا الإنفجار المريع؟"
أجابت: "في الحقيقة لا ندري سوى أنّنا طرنا في الهواء ثمّ ارتطمنا بالحائط لنرى أنفسنا على الأرض رأساً على عقب...الحقيقة تقال، أنتم أيّها البشر لستم فقط مجرمون بل أنتم أكثر فتكاً من مصّاصي الدّماء...
لقد أعطاكم اللّه من الخليج إلى المحيط أغنى ثروات العالم الطّبيعيّة من المعادن إلى الطّاقة إلى الزّراعة، فلماذا فرّطّم بها؟
ماذا فعلتم بأهلكم وإخوتكم؟ هل حقيقة أنتم بشر أم أنّكم من آكلة لحوم البشر؟
ألم تكتفوا من قطع الرّؤوس إلى البراميل المتفجّرة إلى تدمير مدن بكاملها على رؤوس أهلها؟
بربّكم قولوا لنا ماذا جنيتم من كلّ ذلك؟
حوّلتم ربيعنا إلى جهنّم حارق... قتلتم من قتلتم من الشّعوب المغلوب على أمرها وهجّرتم من بقي منهم على قيد الحياة وأنتم ترفعون شارة النّصر على من بقي من الشّعب المنهك والمذلّ...
أهكذا تكون الأوطان أهكذا يكون الحكّام؟
مساكين أنتم الغارقين في المستنقعات الطّائفيّة والمذهبيّة والقبليّة والإقطاعيّة. لقد تمكّن منكم أعداؤكم وأرجعوكم خمسمئة عام إلى الوراء وهم يتفرّجون عليكم ويقهقهون سرّاً.
تقولون عنّا بهائم... بلا عقل ولا إدراك بينما أنتم اجتحتم ذئاباً بلا ضمير ترعى شعوب العالم من النّعاج لتفتك بها... لكن ليس لطعامها كما الذّئاب الحقيقيّة بل للتفرّج على عذابها وموتها البطيء...
أنتم نرجسيّون حتّى أنّ أبواب الجحيم تخاف من استقبالكم.
وأخشى ما أخشاه أنّ اللّه تعالى قد يخلق لكم جحيماً جديداً خصّيصاً لكم فيه أكثر أنواع العذاب تقدّماً وفتكاً... بل ربّما هذا ما أتمنّاه من صميم قلبي..."
هذا كان ملخّص تقرير العالم بلغة الحيوان. الدّكتور منّوش قليل أنقله للقرّاء بدون زيادة ولا نقصان...
أقلّه نجد الضّمير الثّائر عند هذه الفراخ البريئة بعد أن فتّشنا عنه عبثاً حيث هو مفروض وجوده عند الكثير من أهلنا وأخواتنا...
